دكتور/ محمود أبورحاب
استشاري العلاج النفسي
خاص - حملة الحقيقة
استشاري العلاج النفسي
خاص - حملة الحقيقة
إنّ ما يحدث في غزة اليوم يدعونا للتفكير كثيراً لمحاولة فهمه فهماً صحيحاً للوصول لما ينبغي علينا عمله. ومن منطلق التخصص سأحاول أن أرى ما يحدث في غزة من منظور علم النفس ومن منظور المدرسة السلوكية على وجه الخصوص متمنياً أن نتعلم كيف نرى الشيء الواحد من وجهات نظر متعددة وليست وجهة نظر واحدة دون غيرها. ترى المدرسة السلوكية أن أي سلوك سواء كان سلوكاً جيداً أو سيئاً هو سلوك قد تم تعلمه ومن ثم يمكن تعديله، وتحاول في سعيها لتعديل هذا السلوك السيئ غير المرغوب فيه إلى استخدام أساليب نفسية محددة لتعديله إلى سلوك آخر مرغوب فيه، وتتعدد الأساليب المستخدمة في تعديل السلوك وما يهمنا منها ثلاثة أساليب ستساعدنا في فهم الممارسات الاسرائيلية في المنطقة العربية وخاصة ما يحدث في قطاع غزة. هذه الأساليب هي الأول: أسلوب التعزيز السالب، والثاني: أسلوب العقاب، أما الثالث والأخير: فهو أسلوب التعزيز الموجب.
ولشرح ما هو المقصود بالأسلوب الأول التعزيز السالب نقول: إذا فرضنا إنّ هناك شخص "ب" قام بإصدار مثير غير محبب للشخص "أ" ولا يتوقف هذا المثير المزعج إلا في حالة واحدة فقط هي أن يقوم الشخص "أ" بعمل ما يرغبه الشخص "ب" من سلوك معين. والنموذج المثالي لهذه العملية هي ما نجده في السيارات الحديثة فعندما يركب قائد السيارة فإنّالسيارة تصدر صوتاً مزعجاً لا يتوقف إلا في حالة قيام قائد السيارة بالسلوك المرغوب وهو ربط حزام الأمان.
هناك نماذج عديدة لاستخدام أسلوب التعزيز السالب في حياتنا فإذا قام المدرس مثلاً بمعاملة تلاميذ الفصل معاملة سيئة بشكل مستمر، وفجأة يقوم بالتوقف عن هذه الممارسات مع أحد التلاميذ عندما يذهب للمدرس في درس خصوصي ، فإنّ ما قام به المدرس هو استخدام لأسلوب التعزيز السالب كما أنه في ذات الوقت درس لباقي التلاميذ أنه لن تتوقف الإهانة حتى الدخول في الدروس الخصوصية. أحد النماذج الواضحة أيضاً لاستخدام هذا الأسلوب ما نجده في بعض مراكز التحقيق بالشرطة عندما يقوم الضابط بممارسة كل أشكال الضغط على المتهم حتى يعترف بارتكاب ما لم يرتكب من جرائم عندئذ فقط يتوقف الضابط عن ممارسة الضغط على المتهم. في الحالتين يدرك الطالب والمتهم أنه لا سبيل لتوقف الإهانة أو التعذيب إلا بقيامهما بالسلوك الذي يرغب فيه المدرس أو الضابط.
أما الأسلوب الثاني من أساليب تعديل السلوك فهو العقوبة وهو يعني أنه كلما صدر سلوكاً من الشخص "أ" لا يرغبه الشخص "ب" فسيقوم الشخص "ب" بتوقيع عقوبة عليه حتى يتوقف الشخص عن هذا السلوك غير المرغوب فيه والنموذج المثالي لهذه العملية هو وجود قانون العقوبات فكل عقوبة هي تالية على صدور السلوك الخاطئ وتتناسب العقوبة في شدتها ومدتها مع هذا السلوك الإجرامي غير المرغوب فيه. يخلط الكثيرون بين الأسلوبين الأول والثاني ويرون أن كلاهما عقوبة ولتوضيح الفارق نقول أنه في أسلوب التعزيز السالب تكون العقوبة (قبل) على عكس ما يحدث في أسلوب العقاب الذي تكون فيه العقوبة (بعد). الفارق الآخر أنه في التعزيز السالب يسعى الشخص "ب" لصدور سلوك معين من الشخص "أ" بينما في أسلوب العقوبة يسعى الشخص "ب" لإيقاف سلوك معين يقوم به الشخص "أ".
أما الأسلوب الثالث من أساليب تعديل السلوك فهو التعزيز الموجب ويقصد به أنّ الشخص "ب" يقوم بتقديم مكافأة للشخص "أ" عند قيامه بفعل سلوك يرغبه الشخص "ب".
ونستخدم جميعاً هذا الأسلوب باستمرار في حياتنا، وكلنا يعلم كم من مكافآت امتلأت بها جيوب وحسابات بعض القيادات الفلسطينية على ما قدموه من خدمات لبعض الأنظمة. ويتفق هذا الأسلوب الأخير مع أسلوب العقاب في أن ما يقدم من الشخص "ب" يأتي عقب سلوك معين يصدر من الشخص "أ" ويختلفان في معنى هذا السوك لدى الشخص "ب" ففي العقاب يكون السلوك مرفوضاً بينما في الثواب والمكافأة يكون السلوك مرغوباً من جانب الشخص "ب".
أتصور أنّ الممارسات الإسرائيلية في المنطقة العربية تعتمد اعتماداً واضحاً على هذه الأساليب الثلاثة خاصة أسلوب التعزيز السالب وهو ما أركز عليه هنا والذي يفسر لنا ما تفعله إسرائيل دائما مع الفلسطنيين في قطاع غزة أو ما فعلته من قبل في جنوب لبنان أو ما تفعله دائماً على مائدة التفاوض مع القادة الفلسطينيين. فإسرائيل عندما تقوم بما تقوم به من جرائم في حق الفلسطينيين في قطاع غزة من قفل المعابر ومنع وصول المساعدات الإنسانية وتدمير البنية التحتية وهدم البيوت وقتل النساء والأطفال والشيوخ إنما هو من قبيل استخدام أسلوب التعزيز السالب وبهدف واحد هو تركيع هذا الشعب لينفذ أو فلنقل ليسلك بالنحو الذي تريده إسرائيل منه أياً كان ما تريده بدءاً من تسليم أسير إسرائيلي وانتهاء بالاستسلام التام أو حتى الهروب من فلسطين والذي يعطي لاسرائيل حلم الحفاظ على ديموجرافية المكان لصالحها. وعندما يحدث ويتصور الفلسطينيون أنهم قد أعطوا لإسرائيل ما تريده، نجد أنّ إسرائيل لا تكفّ عن ممارساتها إذ تعاود الكرّة مرة أخرى للحصول على المزيد والمزيد الذي لا ينتهي. ويتصور البعض خطأ أنّ ما تقوم به إسرائيل هو عقوبة على صاروخ من حماس أو ما شابه فما تقوم به إسرائيل ستقوم به أياً كان ما يفعله أو لم يفعله الفلسطينيون.
تستخدم إسرائيل أيضاً أسلوب التعزيز السالب في التفاوض مع القادة الفلسطينيين إذ تمارس عليهم كل الضغوط من ممارسات قتل وتعذيب للشعب قبل الجلوس على مائدة التفاوض ثم ممارسة كل الضغوط النفسية على مائدة التفاوض حتى يعطي القادة الفلسطينيون ما تريده اسرائيل في مقابل وقف هذه الممارسات وبعدها لا يستمر شهر العسل سوى فترة وجيزة ثم تعاود إسرائيل استخدام نفس الأسلوب حتى تحصل على المزيد من القيادة الفلسطينية.
الأحد فبراير 15, 2009 11:40 pm من طرف رفال الفرات
» لاتقدم لارجوع
الأحد فبراير 15, 2009 11:32 pm من طرف رفال الفرات
» رحمك الله ياقلبي
الأحد فبراير 15, 2009 11:21 pm من طرف رفال الفرات
» كيفية العناية بالاظافر
الأحد فبراير 15, 2009 11:04 pm من طرف رفال الفرات
» من نشيد الإنشاد الذى إلى غزة
الجمعة فبراير 13, 2009 9:02 pm من طرف جورجي
» مجموعة خواطر اتمنى ان تنال رضائكــــم ؟؟؟
الجمعة فبراير 13, 2009 7:25 am من طرف جورجي
» اهـــــــداء خاص لكم جميعــــــــا !!!
الجمعة فبراير 13, 2009 6:59 am من طرف جورجي
» اشعار حجازية
الخميس فبراير 12, 2009 12:33 am من طرف طالب المنال
» استعدادات المنتخب السعودي v كوريا الشمالية
الثلاثاء فبراير 10, 2009 8:03 pm من طرف * الم *